لبريانا ويست
ترجمة: فاطمة إحسان.
بالطريقة نفسها التي يمكن بها لنزلات البرد أو الأنفلونزا أن تزيد من سوء صحة شخص مريض أصلاً، يمكن لانتكاسة صغيرة أو فكرة مقلقة أن تؤثر في شخص لا يمتلك مناعة نفسية جيدة، فالمناعة النفسية هي ما يجعل عقولنا تتهيأ لتوقع الأفكار المخيفة أو التحديات الخارجية، بالإضافة إلى كونها تجعلنا نتحمل هذه المخاوف والتحديات عند ظهورها، فهي على هذا النحو تحويل هدف المرء في الحياة من تجنب الألم إلى بناء المعنى، مع الاعتراف بأن الألم سيكون جزءًا من رحلة الحياة على كل حال.
المناعة النفسية لا تعني مقاومة الأفكار المزعجة أو إنكارها، وإنما القدرة على ملاحظة هذه الأفكار، دون إبداء ردة فعل تلقائية عليها، أو الاعتقاد بأنها تمثل الواقع تماماً، فعندما نملك قدراً جيداً من المناعة النفسية، يمكننا أن نصبح طرفًا ثالثًا مراقبًا لأفكارنا ومشاعرنا، يمكننا تحديد ما نحتاجه وما لا نريده وما يهمنا حقًا. من خلال عملية إعادة الاندماج – أو عدم المقاومة – نصبح أكثر قدرة على تحمل الأفكار التي تخيفنا. وكلما قللنا من اندفاعنا في رد الفعل حيال هذه الأفكار، كلما ازدادت قدرتنا على ملاحظتها والتعلم من خلالها. في الكثير من الأحيان يكون لدينا ارتباط جذري غير معالَج بالأفكار التي تتكرر في أذهاننا أو مشاعرنا التي تستمر بالظهور، ولن تساعدنا القدرة على معالجة هذه الأحاسيس غير المريحة في التغلب على المشكلات الفردية فحسب، بل على تقدم حياتنا إلى الأمام بطرق أخرى أيضًا، لكن كيف يمكننا بناء المناعة النفسية عندما نكون في خضم المعاناة؟
1- تبنَّ موقف السعي إلى التقدم وليس الكمال.
السعي لتحقيق تحسن بنسبة 1٪ في سلوكك أو آليات التأقلم على صعيد يومي، أكثر فعالية من محاولة إحداث ثورة جذرية في حياتك، لسبب واحد فقط: الأول يمكن تحقيقه على أرض الواقع.
2- احذر من التماهي مع ما تعاني منه.
يفترض كثير من الأشخاص الذين قضوا حياتهم وهم يعانون من القلق، أن القلق هو مكون ثابت في شخصياتهم، فتجد أحدهم يقول “أنا شخص قلق” أو عبارات مشابهة شائعة ولكنها ليست صحيحة بالضرورة. إن تبني فكرة صلبة عن هويتك يعني تحديد هذه الهوية بصرامة غير منطقية، مما يجعل تغييرها أكثر صعوبة.
3- توقف عن محاولة القضاء على الخوف.
توقع ظهور الأفكار المخيفة أو المقلقة، لكن أدرك أنها لا تعكس الواقع دائمًا.
4- فسر الأفكار “الغريبة” أو المزعجة على أنها “إشارات” وليست حقائق.
إذا كنت تخشى القيادة في السيارة بمفردك، أو فقدان وظيفة، أو الوقوع في كارثة طبيعية ما، ففكر فيما يمكن أن يمثله ذلك في حياتك (ربما تشعر كما لو كنت منفصلاً عن أحبائك، أو ذلك أنت “لست بأمان” بطريقة ما). تحاول غالبية هذه الإشارات توجيهك لإجراء تغيير ما، لذا فهي تبقى مهمة رغم صعوبتها.
5- كن على استعداد لرؤية التغيير.
عندما تخوض صراعاً لفترة طويلة من الزمن، قد تتكون لديك مقاومة لرؤية أي شيء يتغير، وذلك ببساطة بسبب طول الوقت الذي استغرقه الأمر. في الحقيقة قد تبدأ الرغبة في رؤية التغيير وملاحظته، بتغيير الواقع فعلاً، لمجرد أنك تبدي استعداداً داخلياً لذلك.
6. تخيل ما كنت ستفعله في حياتك إذا لم يكن الخوف موجوداً.
لعل التركيز على محاولة “تجاوز” شيء ما يعززه وجوده بشكل أكبر، فهو يبقينا في زاوية الانكسار، بينما تعلم إعادة التركيز على ما هو مهم في وجودنا، هو ما يدفعنا بالفعل إلى المضي قدمًا.
7- كن حاضرا.
كثير مما يسلبك استقرارك هو نتاج عدم الرغبة في البقاء في مساحة الحاضر، فنحن نتسوق وننفق ونأكل ونشرب ونحلم ونخطط للخروج من اللحظة الحالية باستمرار، مما يعني أننا لا نواجه أبدًا المشاعر التي نحملها. بقاؤنا في الحاضر ضروري لتعزيز الاستقرار النفسي والصحة العاطفية، لأنه يسمح لنا بالاستجابة الفعلية لأفكارنا ومشاعرنا في الوقت الحاضر، ومواجهة ما يثير أعصابنا قبل أن نتبنى آليات تكيف غير صحية للقضاء على تلك المثيرات المزعجة.
هنالك العديد من القناعات اللاشعورية التي نتبناها بسهولة لنظل مقتنعين بأننا غير كافيين، أو أننا مهددين، أو غير محبوبين. المناعة النفسية هي ما يحدث عندما نضع تلك الأفكار في مقدمة وعينا ونكشف حقيقتها عبر المزاوجة بين مشاعرنا من جهة والمنطق من جهة أخرى.
ولعل تذكير أنفسنا باستمرار بأن وجود طيف متباين من المشاعر هو أمر صحي ومفيد، والتخلي عن فكرة أن تجاوز شيء معين يعني القضاء عليه، سيساعدنا على التقدم نحو الحياة التي نطمح إليها، بدلاً من الاستسلام لكوننا ضحايا عقولنا.